AİLE ve AHLAK
الأسرة والاخلاق فى المشترك الانسانى
كتبهالاستاذ الدكتور على اوزاك
رئيس وقف دراسات العلوم الاسلامية
اسطنبول-فاتح-مايو 2008-04- 30
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه اجمعين.
ان موضوع " الاسرة والاخلاق فى المشترك الانسانى " موضوع عام شامل لان الاسرة وحدها تحتاج الى كلام كثير كما ان الاخلاق ايضا موضوع واسع يحتاج الى بحوث كثيرة .و انا ابدأ بالاسرة فاكتب بحثا مختصرا باذن الله تعالى.
الاسرة
ما معنى الاسرة لغة و اصطلاحا:
الاسرة لغة: الدرع الحصينة و الاسرة اهل الرجل و عشيرته و كذا الاسرة الجماعة يربطها أمر مشترك ج. أُسَر.
و الاسرة اصطلاحا: جماعة الأقرباء القريبة مثل الاب والام والاولاد الذين يعيشون مع بعض فى بيت واحد أو تحت لقب واحد.
ما هو المهم فى العائلة او الاسرة؟
المهم فى الاسرة و العائلة هوتنشئة وتربية الاولاد. فان اولاد الانسان لا يمكنهم ان يعيشوا ويديموا حياتهم بدون رعاية من الام و الاب. لان الله تعالي خلق الانسان هكذا. ولأن الانسان ناقص الهداية فى ادامة حياته المادية والمعنوية مع انه صاحب عقل و مسؤل عما يفعله. و هذا الوضع لحكمة من الله تعالى و مع ان هناك أية تفيد بان ما فى الكون مسخّرللانسان.
قال الله فى سورة ابراهيم32- 33 اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ 2
وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
كما نرى و نفهم من هذه الآية الكريمة و من الآيات الاخرى المشابهة لها ان كل شيئ فى الكون مسخر للانسان. لماذا؟
لا نعلم تماما جواب هذا السؤال الا ان سبب هذا التسخير فى غالب الظن هو العقل و المسؤلية وعلى ما نعلم ان وجود الجنة و جهنم متعلق بهذا التسخير. لاننا لانعلم هل يوجد مخلوق آخر مثل الانسان و الجن صاحب عقل و مسؤل عما يفعله . فبعد تحميل هذه المسؤلية والتكاليف الدينية على الانسان ارسل الله تعالى رسله لاراءة الطريق الذى يوصل العبد الى الله و لتعليم الانسان الخير والشر، الصحيح و الخطأ ، الحلال و الحرام، وما يجب فعله وما لايجب و بالاختصار ان الانبياء و الرسل جاؤا يُعلمون الناس أوامر الله و نواهيه . و مستندا على هذه كلها نستطيع ان نقول بصحة تلك الرواية مع ان بعض علماء الحديث حكموا على ضعف ذلك و هى الحديث القدسى: " كنت كنزا مخفيا فأردت ان أَََعرف فخلقت الخلق" هنا المراد من الخلق هو الانسان والجن فى غالب الظن مع ما سُخر له من الكانئات.
أما مسألة نقصان هداية الانسان فنعلم هذا ايضا من القرآن
قال الله تعالى فى سورة السجدة 13 "ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين" يعنى يقول الله تعالى: اننا لم نعط كل نفس هداها كاملة وهنا المقصود هو الانسان فقط بسبب ذكر جهنم بعد ذلك. وهذا يدل علي ان الجنة وجهنم كلاهما للانسان. والسبب هوالعقل والمسولية وارسال الرسل لارشاد الناس
وقال في سورة هود 118- 191 ولوشاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولايزلون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم منالجنة الناس اجمعين". في الآية الاولى من سورة السجدة قال الله تعالي "ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها" وهذه العبارة تفيد ان الله تعالى اعطى كل المخلوقات هداها ولم يعط الانسان و الجن هداهما يعنى ان كل مخلوق سواء كان حيوانا او نباتا او كائنا حيا مثل المكروبات يحمل هداية كاملة لادارة نفسه ولا دامة حياته ولا يحتاج الى شيئ آخر بعد الولادة ويعرف كيف يعيش فى الحياة بعد الولادة وهذا يكون طبيعيا بمساعدة بسيطة من الأم او الاب. اما الانسان يحتاج الى رعاية من الابوين من بدء الولادة الي سن الرشد ويحتاج ايضا الي التربية المادية و المعنوية لكي يعرف الحقائق ويسير في طريق الهداية . نحن نعلم علما يقينيا ان كل الحيوانات والكائنات الحية يتحرك بعد الولادة مباشرة و يعرف كيف يعيش و يرضع امها اذا كان من الحيوانات الرضاعية. و اذا كان من الحيوانات البيضية بمجرد خروجه من البيضة يعرف كيف يغذى نفسه. و الشيء الغريب فى الحيوانات البيضية ان السلحفاة البحرية يخرج من البحر لتبيض و تبيض فى الرمال القريبة من البحر و تخفى بيضها فى الرمال ثم تذهب الى البحر . و حينما جاء أوان الخروج من البيضة يخرج الطفل من البيضة و يجرى بسرعة شديدة الى البحر . ولكن هناك طيور تنتظر هذا الاوان لكى تأكل هذه الاطفال . فبعضهم ينجحون بوصولهم الى البحر و الآخرون يصيروت ضحية للطيور.
من اين عرف هذا الطفل الذى خرج من البيضة ان يمشى بسرعة الى البحر من غير ان يأكل شيئا ؟ و كيف عرف ان هناك تهلكة تنتظره لذلك يجرى بسرعة الى البحر لكى ينجو من التهلكة ؟ و كيف استطاع ان يتحرك بسرعة بعد الخروج من البيضة مباشرة ؟
هذه الاشياء كلها تدل على ان الله تعالى اعطى كل نفس هداها الا الانسان.
لذلك قال الله في الآيتين : "لأملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين" لماذا لان الانسان يحمل العقل والمسؤلية واذا لم يؤد الانسان وظائفه الاصلية يجازي بالنار اى جهنم.
ما هوالاسرة والعائلة
الاسرة او العائلة مجموعة من الناس يعيشون في بيت واحد غالبا. وهذه المجموعة بطبيعة الحال يتشكل من الاب والام والاولاد. وهذه المجموعة هي الحجر الأساسى لتكوين الاسرة.
أهمية الأسرة والعائلة
الأسرة بالنسبة للاولاد مهم جدا وجدير للاهتمام. لأن الأولاد محتاجون الي الرعاية ماديا ومعنويا. كما تعلمون ان الكائنات الحية تحتاج الي عائلة مهما كانت الظروف. فكل الحيوانات تعيشون في نظام عائلي كما أنها تملكون غرائز شهوية تُقَرّب الذكر من الأنثي وهذا نظام الطبيعة لان الله تعالي خلقهم علي هذه السلوك.
و ذلك ان بين الذكر والأنثي علاقة شهوية تجعل الواحد يتقرب من الآخر وهذه الغريرة الشهوية هي البذور الاولي لتأسيس بناء الاسرة. والغاية الكبرى والهدف المرموق من الاجتماع الجنسي هو تنشئة وتربية الاولاد وادامة كل جنس نسله في الدنيا. وعلي هذا الاساس يتشكل نظام العائلة او الاسرة. فمع هذا ان نظام العائلة يتغير مستمرا كما ان الحياة تتغير وتجدد دائما.
ان الاسرة يتكثر بسبب تكثر الاولاد وهذا طبعا يكون بالزواج. ثم ان الاسرة تنتهي بوفاة الأباء والامهات ويأتي الاسرة الجديدة. لذلك ان الاسرة كالالة المتحركة يتحرك دائما. فلما أفلت عائلة تظهر عائلة اخرى وهكذا تدوم الحياة.
كما يقال:العالم يتغير ويتكثر ويغيب ويظهر ويأتي واحد ويذهب الآخر كعمر الانسان وايضا يتغير المواسيم يأتي الصيف بعدالشتاء والخريف بعدالصيف والربيع بعد الشتاء. وهذه التعبرات والتبدلات والكثرة والقلة والحياة والموت مثل حياة الانسان يموت واحد ويلد الآخر ويسد مكان من يموت، المولود الجديد. كما ان الاسرة تنغرض وتأتي اسرة جديدة يسد مكان الاسرة الذاهبة.
وظائف الاسرة
تتخلص وظائف الاسرة في خمسة عناصر بالاختصار:
الاول: تنشئة وتربية الاولاد اى تنشئة وتربية الاجيال
الثاني: اشباع الحاجات البيولوجية الطبيعية الكامنة في الانسان بالطبع و هى الشهوة.
الثالث: الحب والصداقة والرعاية
الرابع:التعاون ماديا ومعنويا واخلاقيا
الخامس: الدفاع تجاه كل ما يسيئ ويضر افراد الاسرة .
1. الوظيفة الأولى: تنشئة الاجيال
إن الوظيفة الأولى والأهم لمؤسسة العائلة هي تنشئة الأجيال .وهذه الوظيفة هي فى الحقيقة بالنسبة الى الكائنات الحية وظيفة طبيعية. ولا يتحقق تواصل النسل البشري و تواصل نسل الحيوانات الاخرى على وجه الأرض إلا بهذه الطريقة. وإذا نظرنا إلى الظاهرة من زاوية أخرى فإننا سنكون قد وفّينا حق الابوة و البنوة و ايضا الحق الإنساني المستوجبين علينا تجاه والدَينا الذَين ربّيانا. وبالنسبة إلينا فإن الجانب الأهم في الزواج وبناء الأسرة هو الإيفاء بحق والدينا وكذلك تنشئة الأجيال التي ستخْلفنا من بعدنا. وإن لم يتحقق ذلك كما ينبغى كذلك فإن مستقبلنا سيكون في خطر.
2 - الوظيفة الثانية : الحاجة البيولوجية
إن سدّ الحاجة الطبيعية المعروفة بالشهوة ذو صلة بدوام النسل. ذلك لأن الخالق جل وعلا قد أوْدع في كِلاَ الطرفين من الذكر و الانثى هذه القوة كما هو الأمر لدى كل الحيوانات وذلك لأجل الحفاظ على تواصل النسل، والهدف واحد، لكن الإنسان وللأسف الشديد يتصرف فى استخدام هذه الظواهر الطبيعية و يذهب الى طريق اخرى غير صحيحة و غير مشروعة
و هنا نريد ان نلفت انظار الناس الى خطر الاسرة فى العالم الجديد. الآن فى العلم الغربى مؤسسة الاسرة تنهار بسبب سد الحياة الشهوية بدون الزواج و هذا الطرز من الحياة يأتى بضررين كبيرين :
الاول : ينهار نظام الاسرة وبهذا السبب تصعب تربية و تنشئة الاولاد ويحرم الطفل من حب الابوين و رعايتهم
الثانى : بنتشر فى المجتع الفحش و الفساد وهذايضر الانسانية و ينقص من كرامة الانسان و يقل نسل البشرية.
3-الوظيفة الثالثة : الصداقة:
الإنسان حيوان اجتماعي بالطبع. وهذا يُثبت أن الإنسان في حاجة إلى مساعد يساعده و حام يحميه راع يرعاه فى الحياة وصديق يتآنس معه. ذلك لأن للإنسان مجموعة من الأحاسيس والمشاعر كالمحبة والكراهية لا يمكن إشباعها إلا بالصداقة. وإنّ ابن آدم يبحث بطبعه عمّن يشاركه فى الأفراح والأتراح. فالاسرة هى الواسطة الوحيدة التى تعطى هذه الفرصة للافراد.
4-الوظيفة الرابعة : التعاون:
يحتاج الإنسان إلى التعاون لتوفير الاحتياجات اللازمة للحياة. وكما هو معروف فإنه من غير الممكن أن يغطّي الفرد كل احتياجاته بنفسه. وخصوصا في هذه الحياة المعاصرة فهذا مستحيل تماما. ذلك لأن الإنسان يختلف عن بقية الحيوانات من حيث طريقةُ العيش. و خاصّة أن حاجة الإنسان إلى التعليم والتعلّم لا يمكن أن تُسدّ إلا باستعانة الإنسان بإنسان آخر. وبدون الحاجة إلى الآخر فإن المتطلبات المادية والمعنوية للإنسان لا يمكن تلبيتها أصلا. وهكذا فإن الإنسان محتاج لغيره في هذه الأمور وخصوصا في فترة الطفولة.
5-الوظيفة الخامسة : الدفاع:
إن دفاع الإنسان عن نفسه ضد الظواهر الخارجية والداخلية مسألة جدّ مهمّة. إذ يدافع أفراد العائلة عن بعضهم بعضا متّحدين فيما بينهم ومتساندين بعضهم بعضا في المصائب مثل الجوع والمرض والآفات الطبيعية. وتحتل المحبّة المتبادلة مكانة عظيمة في حياة الإنسان. فحب الوالدين والأولاد والإخوة والأقارب كل هذه الأمور تدخل في باب الدّعم والدفاع المتبادلين.
و هنا نضيف المنسوبية العائلية فان المنسوبية ذات أهمية كبيرة ومعرفة النسب تعطي الانسان شرفا و وقارا . لان كل انسان له الحق ان يعرف آباءه و اجداده
اذا ضعفت المؤسسة العائلية ضعف نسب الناس و هذا يؤدى الى الاختلافات الكثيرة .
متطلبات تواصل مؤسسة العائلة
تنشأ نواة العائلة من اجتماع رجل وامرأة عن طريق الزواج. ويزداد حجم العائلة عن طريق ولادة الأطفال. وإن العنصر الأهم في توجيه العائلة ونموها ودوامها دون فساد هو الرجل، الذى كان زوجا و أبا فى العائلة و ينبغى للرجل ان يكون مجمّعا ، مُوحدا، متسامحا و وقورا و اذن لايمكن للرجل ان يقول : " أنا حاكم مطلق فى العائلة " بل له ان يستشير بافراد العائلة فى كل المسائل التى تتعلق بمشاكل الاسرة . لكن لم يتم العمل المفيد الوسط بآراء علماء الإسلام في هذه المسألة. و الآية الكريمة "الرجال قوّامون على النساء" (4/34) قد فسرت على انها تجيز للرجل استعمال الشدة فى الاسرة ، وهذا الفهم و الاجتهاد غير سليمة مستندا على الاحاديث الواردة فى هذه المسألة و سادت فكرة استخدام الرجال العنف إزاء النساء على اعتبار أن معنى القوامة هي القوّة. والحال أن المسألة ليست كذلك. ودعك من استعمال العنف مع النساء فعلى الرجل أن يفهم المرأة و يتفاهم معها ويعطيها القيمة التي تليق بها ويقدّر موقعها المهمّ داخل الاسرة ويساعدها في كل الأمور. وإنّ هذا النوع من المعاشرة هى المعاشرة الصحيحة و المعاملة الحقة كما هو معلوم من السنن العملية لنبيّنا عليه الصلاة والسلام. ومن الحقائق المهمّة أن الرجل الذي ينتظر فهما و تفهماً من زوجته ولايعمل من طرف ذاته، لا يكون زواجه ناجحا. ذلك لأن الجانب المهمّ والفطري في المرأة هو كونها أمًّا ولذا فمن العادي أن تتصرّف المرأة أحيانا مع وزجها بقسوة أو تخاطبه بحدّة. فعلى الرجل أن يقدّر المرأة فى هذا الصدد و يصبر ويتفهّم صعوبة وضعها كأمّ تلد وتربّي وتنشّئ الأطفال.
وإذا كان الحال كذلك فإن انتظار الرجل من زوجته ان تفهمه و تعامله بالتفاهم فان هذا يؤدى الى المشاجرة بل يجب على الرجل ان يعاملها فى هذه الحالة كما عاملها الرسول صلى الله عليه و سلم لانه إذا تصرّف معها بشدّة و عنف بسبب ما تبديه من الميول أحيانا من تصرّفات خشينة فيتسبب ذلك كله أولاً في عدم التفاهم داخل الأسرة ثم ربما في تشتّت العائلة . وما يجب فعله في هذه الحال هو أن يقابل الرجل زوجته بنوع من الحب و التسامح والليونة و بالفاظ جميلة لينة تجلب حب المرأة حتى الى ان وصل الأمر إلى مرتبة المكافئة بها لكسب ودّها مهما تصرفت معه بخشونة.
هذا لأن ذلك يليق بها كأمّ. وإذا عاشر الزوج زوجته معاشرة حسنة فإنها ستحبّه بقدر حبّها لطفلها. ثم إننا إذا نظرنا إلى القضية من زاوية إسلامية فإن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "خياركم خياركم لنسائهم" و قال عليه السلام في خطبة الوداع " واستوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا". وقال تعالى في كتابه الكريم بخصوص النساء اللائي يُخشى منهنّ نشوزفى سورة النساء 34-35
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا # وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا
فى هذه الآيات ذكرت أشياء منها ( الرجال قوامون على النساء) و منها ( واللاتى نخافون نشوزهن فعذوهن واهجروهن فى المضجع واضربوهن) و منها ( فان أطعنكم فلاتبغوا عليهن سبيلا).
أولا : ليس المراد من القوامون على النساء كما ذكرنا استعمال الشدة و العنف و انما المراد الرعاية و حسن المعاشرة و حفظهن من كلما يضرهن و يسيءهن. و الدليل على ذلك الاحاديث الواردة عن النبى صلى الله عليه و سلم.
ثانيا : ليس المراد من ( فاضربوهن) هو الضرب الحقيقى. لان الرسول ص أفاد فى حديثه الذىرواه ابن ماجة فى سننه فى كتاب النكاح
عن عبد الله بن زمعتة قال : خطب النبى ص ثم ذكر النساء فوعظهم فيهن ثم قال : إلام يجلد أحدكم امرأته جلد الامة و لعله ان يضاجعها من آخر يومه. و قال فى دوام الحديث : لاتضربن أماءالله( ابن ماجة، نكاح 51)
عن معاوية قال : أتيت رسول الله ص فقلت ما تقول فى نسائنا ؟
قال : " أطعموهن مما تأكلون و اكسوهن مما تكسون ولا تضربوهن ولاتقبحوهن" ( أبو داود نكاح 42)
وجاء ايضا فى أبو داود نكاح 43 " لاتضربوا اماء الله" .
و عن عبدالله بن زمعة عن النبى ص قال : لايجلد أحدكم امرأته حلدالعبد ثم يجامعها فى آخر اليوم " ( بخارى نكاح 134)
والضرب له معان في هذه الآية و من بعض معانيه طلب الجماع، لأنه يُليّن الجو المتوتّر بين الزوجين ويغيّر موضوع الخلاف. وما نريد أن نقوله هنا وهو أنه في حال انعدام التفاهم بين الزوجين يتحتم على الرجل أن يتفهّم الموقف لا المرأة. ذلك لأن أثقل حمل في الحياة العائلية وهى رعاية الأطفال وتنشئتهم و هذا مُلقىً على عاتق المرأة. ثم إن المرأة باعتبار خلقتها ولانشغالها دائما بالأطفال ربما تتصرف مع زوجها كما تتصرّف مع أطفالها. إن الأمّ هي التي تتحمّل العبء الأكبر خصوصا في بناء عش الزوجية وتتحمل مسؤوليات كبيرة في تماسك العائلة لذا فإن إحساسنا اياها بقيمتها والتسامح مع بعض سلوكها و التظاهر بالحب لها من مستلزمات الإنسانية والأبوّة في الواقع نفسه.
نظرا الي الايمان والفهم الاسلامي ان كل الكائنات الحية في هذه الحياة الدنيا هي امانة اودعها الله للانسان، ونظرا لوجود الانسان المادي والمعنوي الذى يحمل قيما و مستولية فينبغي له ان يؤدي هذه الامانة ويحفظ من كل ما يضر الامانة ويسيئ. وهذه تدل علي ان للانسان وظائف تجاه وجوده الذاتي وكونه عاقلا ومسؤلا. وهذه الوظائف تنقسم الي ثلاثة اقسام عامة:
1-العبودية الخالصة للخالق في الحقيقة و فى واقع الامر
ان اكبر واعظم وظيفة للانسان هو العبودية لله تعال الا ان الشرط الاول لاداء هذه الوظيفة كاملة وغير ناقص هوالعيشة الصحيحة يعنى ان يعمل الانسان و يكسب ما يحتاج اليه من الرزق الحلال وسلامة الانسان عن الامراض والعلل. لذا قال رسول الله(ص) : "سلو الله العافية فانه لم يعط عبد شيئا افضل من العافية بعد اليقين (اى الايمان) وعليكم بالصدق والبر فانهما في الجنة واياكم والكذب والفجور فانهما في النار"
وفي رواية اخري :"ايها الناس ! سلوا الله المعافاة فانه لم يؤت أحد مثل يقين بعدمعافاة ولا اشد من ريبة بعد كفر وعليكم بالصدق فانه يهدى الي البر وهما في الجنة واياكم والكذب فانه يهدى الى الفجور وهما في النار" (مسند احمد بن حمبل جلد 1 ص 8)
ان الرسول (ص) اعطى اهمية كبرى لحفظ البدن من الامراض ومنع تحميل الاعباد الثقيلة على البدن ولو كان هذا من العبادات والطاعات لانه بعد ما قال "صوموا تصحوا " مًنًع الصوم والعبادات الاخرى اذا كان هناك ضرر للصحة.
عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله (ص) فى سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظُلّل عليه فقال ما هذا؟ فقالوا: صائم فقال: ليس من البر الصوم فى السفر ( بخارى كتاب الصوم 54)
عن ابن عباس رضى الله عنهما قال:خرج رسول الله (ص) من المدينة الى مكة فصام حتى بلغ عُسفان ثم دعا بماء فرفعه الى يديه ليريه الناس فافطر حتى قدم مكة وذلك في رمضان فكان ابن عباس يقول:قد صام رسول الله (ص) وافطر فمن شاء صام ومن شاء افطر. ( بخارى كتاب الصوم 55)
وهذه الاحاديث تدل على ان الاسلام دين يسر وسماح كما جاء في القرآن: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 256
و يظهر من هذه الاحاديث و الآيات ان أهم شيئ فى الحياة هو الصحة والعافية و بدون الصحة و العافية لا تتحقق مسؤلية الانسان ولايفيد العيش معنى ولا قيمة لعقل الانسان من جهة التكليف و المسؤلية . نعم ان التكليف و المسؤلية على العقل فقط و انمالمسؤلية العقل هناك شروط و هى السلامة من الامراض و العلل بدنا و روحا. لان التكاليف تجرى بالبدن والبدن يتحرك و يعمل بالصحة والعاقية و من هنا نفهم ما قاله الرسول ص.
وحفظ الصحة والعافية - اولا و قبل كل شيئ - يعتمد على العيشة العائلية . لان البسلامة من الامراض و العلل تبدأ اولا بالاب ثم بالام ثم بالرعاية على الطفل ثم بتعليم الاولاد و تربيتهم ثم تتدخل البيئة فى التعليم والتربية . و المؤثر الحقيقى والموجه الصحيح و المرشد الرشيد فى نشوء الانسان بالصحة والعافية ماديا و معنويا هو العائلة و الاسرة.
2- وظيفة حفظ الوقار وعزة النفس
ان الانسان اكمل واشرف المخلوقات فالله سبحانه وتعالى أفاد هذه المعانى فى القرآن: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
َمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ .
وقال الرسول (ص) فى حق الانسان الذي يحفظ شرفه ووقره عن ابي هريرة قال : المؤمن اكرم على الله عزوجل من بعض ملائكة ( سنن ابن ماجة كتاب الفتن6) فعلى هذا ان المؤمن يجب عليه ان يقى شرفه ووقاره وعزة نفسه لان الله تعالى خلقه في احسن تقويم،و مستقيم القامة،يستعمل يديه ويعرف كل شىءبعقله. لذلك حرّمت نفس الانسان وماله.
وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنه قال: سمعت النبى (ص) يقول:من قُتل دون ماله فهوشهيد و من قتل دون عرضه فهو شهيد ( البخارى، مظالم 52)
فحفظ الوقار وعزة النفس وظيفة مهمة جدا لان الوقار و عزة النفس من تمام شخصية الفرد.
3- وظيفة الانسان فى كسب الفضائل
نظرا ان الله تعالي خلق الانسان فى احسن تقويم يجب عليه ان يكسب فضائل تليق به.
الاول: هو الايمان. اهم شيئ فى حياة الانسان هو الايمان بالله تعالي والعبادة له كما جاء في القرآن: "وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون" (سورة النجم)
الثانى: العلم. كان من أهم وظائف الانسان التعلم والتعليم والتربية بسبب منح الله تعالي الانسان العقل. ثم ان الانسان بدون التعليم والتربية لا يكون اعلى من مستوى الحيوانات. الوصف المميز الذى يميز الانسان عن الحيوانات هو العلم فبدون العلم يكون مستوى الانسان كالحيوان كما نراى ذلك في القبائل الابتدائية التى تعيش في الغابات.
الثالث: العبادة. وهي اهم فضيلة للانسان باعتبار انها شكر وحمد للخالق
الرابع: فضيلة الخلق الحسن. قال الرسول (ص) "انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق"
عن على بن ابي طالب رضى الله عنه: عن رسول الله (ص) قال: انه كان اذا قام الى الصلاة قال: وجهت وجهى للذى فطر السماوات والأرض حنيفا وما انا من المشركين ان صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وانا من المسلمين اللهم انت الملك لا اله الا انت. انت ربي وانا عبدك ظلمت نفسى واعترفت بذنبى فاعفرلى ذنوبى جميعا انه لا يغفر الذنوب الا انت واهدنى لحسن الاخلاق لا يهدى لاحسنها الا انت واصرف عنى سيئها لا يصرف عنى شيئها الا انت. لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس اليك انه بك واليك تباركت وتعاليت. استغفرك وأتوب اليك...(مسلم كتاب المسافرين جلد 6 /ص 57/58)
الخامس :العمل وكسب ما يحتاج اليه الانسان من الرزق الحلال. فان اللله تعالى اعطى الانسان العقل ليعمل و يكسب رزقه.و أهم وظيفة بعد الايمان و قبل التعبد لله تعالى هو العمل و الكسب. لان العبادة لاتقبل الا اذا كان كسب الفرد حلالا. والكسب الحلال انما يكون بعمل الانسان بالذات ولذلك الكسب الحلال هو العمدة فى التعبد و العبادة.
الاخلاق في العائلة
الخُلُق ؛ حال للنفس راسخة تصدر عنها الافعال من غير حاجة الى فكر او روية و جمعه الاخلاق.(المنجد)
و علم الاخلاق أحد اقسام الحكمة العملية و يسمى ايضا الحكمة الخلقية . و يقال : علم الاخلاق علم موضوعه أحكام قيَميُة تتعلق بالاعمال التى توصف بالحسن او القبح.
الاخلاقىّ : هو ما يتفق و قواعد الاخلاق او قواعد السلوك المقررة فى المجتمع (معجم الوسيط)
و السلوك التى لاتتفق مع القواعد المقررة فى المجتمع تسمى " لا اخلاقىّ ".
كما تعلمون ان علم الاخلاق واسع موضوعها يشمل حياة الانسان العملية كلها لذا نحن بصدد السلوك التى تتعلق بالاسرة او العائلة .و هنا نريد ان ننقل آراء علماء الاخلاق.
من مشاهير العلماء ابن مسكويه يقول:
الخلق ؛ حال للنفس داعية لها الى أفعالها من غير فكر ولا روية. و هذه الحال تنقسم الى قسمين: منها ما يكون طبيعياً من أصل المزاج كالانسان الذى يحركه أدنى شئ نحو غضب و يهيج من اقل سبب و كالانسان الذى يجبن من أيسر شئ كالذى يفزع من أدنى صوت يطرق سمعه او يرتاع من خبر يسمعه و كالذى يضحك ضحكا مفرطاً من ادنى شئ يعجبه و كالذى يغتم و يحزن من ايسر شئ يناله و منها ما يكون مستفاداً بالعادة والتدرب و ربما كان مبدؤه بالروية والفكر ثم يستمر عليه أولا فأولا حتى يصير ملكة و خلقاً.(هداية الاخلاق لا بن مسكويه-26.)
و يقول أبو نصر الفارابى :
و انَّ فطرة كل إنسانٍ أنْ يكون مرتبطاً فيما ينبغى أنْ يسعى و يحتاج كل إنسانٍ فيما له أنْ يبلغ من هذا الكمال ألى مجاوزة ناسٍ آخرين و اجتماعه معهم. و كذلك فى الفطرة الطبيعية لهذا الحيوان أنْ يأوى و يسكن مجاوزاً. لمن هو فى نوعه: فلذلك يسمى الحيوان الانسانى و الحيوان المدنى. فيحصل ههنا علمٌ آخر و نظرٌ آخر يفحص عن هذه المبادئ العقلية و عن الافعال والملكات التى بها يسعى الانسان نحو هذا الكمال، فيحصل من ذلك العلم الانساني والعلم المدني.(الفارابي، كتاب تحصيل السعادة، 61-62).
و السيد الشريف الجرجانى يعرّف الاخلاق و يقول :
الخلق : عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الافعال بسهولة و يسر من غير حاجة إلى فكر و روية، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الافعال الجميلة عقلا و شرعاً بسهولة سميت الهيئة خلقاً حسناً و إن كان الصادر منها الافعال القبيحة سميت الهيئة التى هى المصدر خلقاً سيئاً، و إنما قلنا أنه هيئة راسخة لأن من يصدر منه بذل المال على الندور بحالة عارضة لا يقال خلقه السحاء ما لم يثبت ذلك فى نفسه، و كذلك من تكلف السكوت عند الغضب بجهد أو روية لا يقال خلقه الحلم، و ليس الحلق عبارة عن الفعل. فرب شخص خلقه السخاء ولا يبدل إما لفقد المال أو لمانع. و ربما يكون خلقه البخل، و هو يبذل لباعث أو رياء.(كتاب التعريفات، 101)
والامام الغزالى يقول فى بيان معنى حقيقة حسن الخلق و سوؤه :
أعلم ان السعادة كلها والباقيات الصالحات أجمعها التى تبقى معك إذا غرقت سفينتك فى شيئين
الاول: سلامة القلب و طهارته من غير الله تعالى لقوله: إلاَّ من أتى الله بقلبٍ سليم (سورة الشعراء، 89)
والثانى: امتلاء القلب بمعرفة الله تعالى التى هى المقصودة من خلق العالم و بعثة الرسول (ص) و حسن الخلق:هو الجامع لهما و لا أعلم خصلة تزيد عليه فى الفضل، و لذلك امتدح الله تعالى به نبيه محمد (ص) فقال تعالى: "و إنك لعلى خلق عظيم" (سورة القلم، 4) فقال تعالى: "إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه"
(سورة الفاطر، 10)
والكلم الطيب هو التوحيد والمعرفة والعمل الصالح هو طهارة القلب الرافعة لقدر التوحيد والمعرفة، و معنى الرفعة هو حضور القلب و تاثره بهما لينقاد خضوعا و مسكنة و مهابة. فحينئذ يكون قريبا من الله تعالى فاما حقيقة حسن الخلق: فاعلم أن للاانسان صورة باطنة و هى التى بعث الانبياء (ص) بتقويمها و تزكيتها و كمال اعتدالها و ذلك ان تصدر عنها الاخلاق المحمودة بسهولة بلا روية ولا فكر. و هذا هو معنى حقيقة حسن الخلق، و سوء الخلق يكون بعكس ذلك( رسائل-97).
و معلوم ان أهم احتياج الانسان بعد الاكل و الشرب هو الاحتياج الشهوى و تطمين الحاجات الشهوية وهذه هى من الجوانب المشتركة بين الكائنات الحية و بين الانسان و قد أدى الانسان هذه المتطلبات الشهوية بطريق الزواج غالبا. و فى الحقيقة ان الله تعالى خلق كل المخلوقات من الازواج كما قال الله فى سورة يـس " سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِم ْوَمِمَّا لَا يَعْلَمُون" 36
و هنا نكتة مهمة جدا و هى ان الله تعالى خلق المخلوقات ازواجا وهو واحد و أحد لايتجزأ و هذه الآية دليل قوى فريد على التوحيد لاننا نرى فى الكائنات ان كل المخلوقات يتكون من اثنين خذ مثلا الانسان يتكون من الاب والام و الحيوانات الاخرى هكذا حتى الاشجار فيها الذكر و الانثى و حتى المعادن و المواد الكميائية . و فى الآية أشار الله تعالى الى ثلاثة اشياء وهى :
مما تنبت الارض، تفيد ان كل ما تنبت الارض يتولد من الذكر و لانثى . ومن انفسهم ، و هذا معلوم للجميع بان هذه العبارة تفيد الحيوانات بما فيها الانسان. و مما لا يعلمون . وهذا يدخل فيه المعادن والمواد الكميائية.
لو فُتش و فُحص ما فى هذه الآية من الحقائق العلمية التى تدل على توحيد الله تعالى وعلى الازواج و كثرة ما سوى الله تعالى لعلم الناس حقائق الكون.
َ ولماذا الانسان يحتاج الى تأسيس العائلة والاسرة وهنا الآن نحن نشير الى بعض الاسباب حول تأسيس الاسرة.
الاول: تقوية دوام النسل البشرى الصحيح يعنى صحيح النسب والصحة. وهذا يتحقق برعاية القواعد الاخلاقية بسبب اعتماد النسب و الصحة على القواعد الاخلاقية.
قال النبى (ص):"من اراد ان يلق الله طاهرا ومطهّرا فليتزوج الحرائر (ابن ماجة، النكاح 1862)
عن ابي هريرة قال الرسول (ص): "انكحوا فانى مكاثر بكم" (ابن ماجة، النكاح 1863)
وان كان للانسان يمكنه ان يتكثر بدون الزواج فان طفل الانسان يحتاج الى رعاية خاصة لا يمكن للأم ان تفى هذه الرعاية وحدها وهناك شىء آخر فان الانسان يحتاج الى تربية وتعليم فالام لا تستطيع وحدها ان تعمل هذا بمفردها.
الثانى: الزواج وتأسيس عائلة يمنع الرجل من اشباع الشهوات بطريق غير مشروع. وهذا ايضا يفيد فائدة عامة ويحفظ الطرفين الزوج والزوجة من الامراض وسوء الاخلاق
قال النبى (ص): يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء (البخارى، نكاح، 4)
الثالث: الانسان يحتاج الى العائلة للشعور بالسعادة والطمأنينة ويحس بحرارة حب العائلة والتقرب فيما بهم كما قال الله تعالى في سورة الروم: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 21 وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ 22 . هنا أشير فى الآية الى شيئين
أولا : السكون و هو السعادة و الشعور بالطمأنينة.
ثانيا : الحب و الرحمة و هما أساس الحياة . لو لم يكن الحب و الرحمة لما تحققت الحياة السعيدة.
الرابع: ان العائلة عماد المجتمع . فالمجتمع بدون العائلة و الاسرة يشبه قطاع المواشى و ينزل منزلة الحيوانات بل أضل منها كما جاء فى القرآن : فى سورة الأعراف وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ 179
فان ضعف و تشتت العائلة و الاسرة فى المجتمع الانسانى يكون فلاكة عظيمة فيجب على العاقل منع هذا السير المضر.
الحقوق و المسؤلية فى العائلة
و فى امكاننا ان نلخص الموضوع كما يأتى :
الوظائف الحقوقية و المسؤلية فى الاسرة
ينبغى ان يوجد الحب المتبادل بين الزوجين و الوقار والرحمة بين أفراد العائلة و التحية و التسامح و الفهم و التفاهم بين أفراد الاسرة و حفظ محرمية العائلة.و ابقاء الاختلافات فى داخل الاسرة لكى لايعلم الآخرون اسرار العائلة . و يجب ان يكون التصرفات الاقتصادية على العدالة ليستفيد كل افراد العائلة متساوية من امكانيات العائلة.
سلوك الابوين تجاه أولادهم
وظيفة الابوين لاولادهم يبدأ قبل الولادة.و كان ينبغى للابوين ان يهتموا بطفلهم وهو فى رحم أمه . ثم فى اثناء الولادة الى ان تم تسميته و تكلمه فبعد ذلك تأتى مرحلة التربية و التعليم.
وظائف الاولاد تجاه الابوين
وجوب الاطاعة الابوين و حسن المعاشرة معهم . ويجب على الاولاد ان يرعاهم و يرحمهم و يحميهم و يعاملهم معاملةحسنة كما جاء فى القرآن : وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا 2
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا 24
فى هذه الآية حكمة عظيمة و هى ان الله تعالى أفاد و بين الناس أهمية الاسرة و العائلة لان التوصية للابناء بالابوين أشارة مهمة الى الابناء لوجوب اهتمامهم بالآباء و الامهات لانه لا حاجة الى توصية الامهات و الآباء لان الله تعالى أعطى لهم حب الاولاد طبعيا.
الاسـرة فى العالم عامة
الاسرة او العائلة فى تاريخ الانسانية قديمة بقدم الانسانية ما دام الانسان حيوانا اجتماعيا
لان الاسرة و الدين أقدم مؤسسة فى تاريخ الانسانية فهذان المؤسستان وُجدتا مع الاتسان. فالواحد منهما يتعلق بحياة الانسان المادية و الثانى بحياة الانسان الروحية .لان الانسان باعتبار انه حيوان اجتماعى فلا بد له من المعايشة مع بعض والاسرة تتسكل من المعايشة . فمهما كانت الظروف و الشروط فوجود نظام الاسرة كان من ضروريات الحياة الاجتماعية لذلك استمرت الاسرة الى زماننا.كما ان الاسرة موجودة فى المخلوقات الاخرى خارج الانسان. لان سبب تكاثر النسل و دوامه فى كل المخلوقات لايكون الا بطريق الازدواج. و هذا يُولّد الاسرة كما نرى هذه الخصائص فالحيوانات و النباتات و المواد الكميائية.
الاسرة فى الاقوام القديمة
اليهود : ان الاسرة فى اليهود ما كانت عبارة عن الجماعة الاجتماعية فقط بل كانت جماعة دينية كما ذكر فى كتاب التكوين. و نظام الاسرة فيهم يعتمد على الآباء لان رئيس العائلة هو الاب و النسب يأتى من الاب و ينتهى اليه .
النصارى : بناء الاسرة فى النصرانية لايختلف كثيرا عن اليهود الا ان الاسرة فى النصرانية مؤسسة دينية لاتعتبر مؤسسة اجتماعية فبعد الزواج يصير الزوج والزوجة كجسد واحد لايمكن تفريقها خلافا لليهود كما ذكر فى انجيل مارقوس.
رومان : اما الاسرة فى روما فهى مؤسسة دينية واقتصادية و اجتماعية و تنقسم الى قسمين :
الاول : الاسرة الواسعة و هى الاولاد الذين جاؤا من اب واحد و هذه الاسرة تجمع كل الاولاد الذين جاؤا من نفس الاب.
الثانى : الاسرة الغير الواسعة و هى الاولاد الذين جاؤا بعد وفاة رئيس العائلة. و رئيس العائلة فى الرومان الاب و النسب بطريق الاب.
العرب الجاهلى : فى العرب الجاهلى نظام العائلة موجود الا أنه ليس قويا كالاقوام الاخرى لان العرب اهتم بالقبيلة اكثر من اهتمامهم بالاسرة.و كان العرب يضيف الى العائلة مَن هو غير منسوب الى العائلة نسبا و الغى الاسلام هذه العادة و جعل النسب من طريق الاب.
ونظام الاسرة موجود ايضا فى الهند و الصين و فى الاقوام التركية و الروسية حتى فى الاقوام الابتدائية فى البلاد الافريقية و الامريكية .
ٍٍٍ
. نحن دائما ننظر المسائل بنظرة اسلامية ونؤمن بان اول انسان فى الدنيا هو آدم عليه السلام ثم حواء كما جاء فى القرآن فى سورة الاعراف : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ 189
فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ 190 أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُون 191
مستندا على هذه الآية ان اول اسرة فى العالم هو اسرة أدم و حواء. فالانسان لايمكنه ان يعيش بدون اسرة او عائلة. لان الأسرة هي النواة الأصلية للمجتمع. والتي تنشأ وتتبلور فيها عقيدتنا وكياننا وهويتنا وشخصيتنا. ففيها يتم التعليم الديني الأساسي والكيان الخُلُقي والعلاقات الاجتماعية والشعور بروح المسؤولية تجاه الفرد والمجتمع. فلذلك الأسرة من الأهمية بمكان في سلامة البشرية جسميًا وروحيًا. وتزداد هذه الأهمية أكثر فأكثر بالنسبة للأطفال والعجزة والمرضى والوحدان والمعاقين المحتاجين إلى من يعولهم ويكفلهم في اسرة راسخة البنيان.
إن الإنسان لا يجد الحب والحنان ولا يشعر بهما إلا في محتضن أسرة. وفى الحقيقة ان ظاهرة أبناء الشوارع تعكس صورة التغير التي بدأت تدب في أوصال كيان الأسرة في تركيا وفى العالم، إضافة إلى ظاهرة تعاطي المخدرات والمواد المدمنة بين الأولاد حتى على مستوى طلاب المدارس المتوسطة.
الفقر و البطالة
فالأسرة هي أكثر ما يتضرر من الفقر والفاقة و البطالة. وفي الجانب الآخر تصبح مشكلة إسعاف العجزة وتدبير شؤونهم في بلادنا عويصة إلى حد كبير بسبب البطالة التى تعجل الفرد تنحرف عن الانسانية الى الحيوانية. فتفكك الأسَرِ بأسباب مثل الطلاق والنزوح والإرهاب وضعف الروابط بين أفراد الأسرة وذوي القربى والجيران إلى حد قطعها، وازدياد عدد الأطفال المحتاجين إلى الرعاية والكفالة، وتوسع رقعة تعاطي المواد المدمنة هي ظواهر تهم الأسر بدرجة أولى فى العالم كله. هذا ووسائل الإعلام بجميع أنواعها والانترنت والنشرات الخليعة والملاهي البذيئة والبرامج الوضيعة والإعلانات والنماذج السيئة لها خطورتها على الأسرة عامة وعلى الأولاد بشكل خاص فى عالمنا الحاضر.
تعليق
و هنا نريد ان نشير الى مؤتمر دولي عقده وقف دراسات العلوم الإسلامية بالتعاون مع المديرية العامة للدراسات الأسرية والاجتماعية التابعة لرئاسة الوزارة التركية في 02-04 -2005 في فندق بارسلو ارسين طوب قابي Barcelo Eresin Topkapı تحت عنوان”الندوة الدولية حول الأسرة” استغرقت ثلاثة أيام. وتم خلالها أربع عشرة جلسة علمية منها حلقتان نقاشيتان. وحضر الندوة نحو ستين عالمًا من تركيا ومن مختلف بلاد الغرب و الشرق والدول الإسلامية والجمهوريات التركية حيث ألقوا كلماتهم حول قضايا الأسرة والخطط المرسومة فيها.
وناقشت الندوة عدة محاور تحت عناوين:
- مراحل التغير التي مرت بها الأسرة التركية عبر التاريخ
- العجزة ومشاكل إسعافهم وتدبير شؤونهم
- أبناء الشوارع، والأولاد المحتاجين إلى الرعاية
- السياسيات الحكومية المتعلقة بالأسرة
- الفقر والأسرة، ووسائل الإعلام والأسرة.
وتناول مشاركو البلاد الإسلامية والجمهوريات التركية في الحلقتين النقاشيتين قضايا شملت: كيان الأسرة، والتغير الذي مرّت به الأسرة، والمشاكل الأساسية المتعلقة بالأسرة والسياسات الحكومية المرسومة لمعالجة هذه المشاكل. وإلى جانبها تحدثت الأطراف المعنية العاملة في الاتحاد الأوربي عن قضية ما إذا كان هناك خطة مرسومة للاتحاد الأوربي متعلقة بالأسرة ونوعية هذه الخطة.
وعناوين موضوعات المِؤتمر التي تم تقديمها في الندوة هي كما يلي:
1- كيان الأسرة في العالم وفي تركيا خلال مراحل التغير التي تمر بها، در. أمين ياشار دميرجي من تركيا
2- الأسر المفككة ومشاكلها، در. كمال صايار من تركيا
3- أبناء الشوارع والأطفال المحتاجون إلى الرعاية، در. احمد بيلكيلي من تركيا
4- الأسرة في الحقوق الإسلامية والفكر الإسلامي، در. يونوس آبايدين من تركيا
5- كيان الأسرة العثمانية، در. محمد عاكف آيدين من تركيا
الأسرة في البلاد الإسلامية والخطط المرسومة تجاهها/النقاش المشترك
أ- الاسرة في باكيستان، در. انيس احمد من باكستان
ب- حالة الاسرة في الاردن، در. مي كامل سلطان من الاردن
ج - حالة الاسرة في سوريا، در. وهبة الزحيلي من سوريا
د- الاسرة في ماليزيا، در. زيلان موريس من ماليزيا
ذ- المرأة في المجمع المعاصر، در. شادية علي القناوي- من مصر
6- السياسات الحكومية المتعلقة بشأن الأسرة والمشاكل القانونية
نسرين آفشار جليك من تركيا
7- الفقر والأسرة، در. اسماعيل دوغان من تركيا
8- العجزة ومشاكل إسعافهم، در. علي سيار من تركيا
9- الأسرة في الاتحاد الأوربي، در. روت فروقية Ruth Farrugia/ من مالتا
10- الاسرة وهوية المرأة السيدة نظيفة شيشمان من تركيا
الأسرة في الجمهوريات التركية والخطط المرسومة تجاهها
أ- حالة الاسرة في اوزبكستان، در. منصور بك مرادوف
ب- تأثير العولمة في الاسرة القازاقية، در. زئورة زاناراروفة
ج- حالة الاسرة في قرقيزيا، در. صايقال جنوصوفا
د- حالة الاسرة في آزربايجان، در. ابو الفيض سليمانوف
ذ- حالة الاسرة في تركمانستان، در. سويل اسماعيلوف
ج - وسائل الإعلام والأسرة في المجتمع المعرفي، در. تركسل قايا من تركيا
ففي نهاية المطاف تصدّرت في المشاكل المتعلقة بالأسرة قائمة الاهتمامات الواردة في البيانات وفي سبيل حلها أشير إلى الأسرة نفسها أيضًا. وتم التركيز على المحاور التالية في اختتام أعمال الندوة:
1- انقطاع الروابط بين أفراد الأسرة يوما فيوماً،
2- نسبة الطلاق المتزايدة،
3- تفكك الأسرة الصغيرة الضيقة، والتحول منها إلى أسرة ترعاها الأب أو الأم فقط،
4- ضياع أطفال الأسر المفككة، وترك العجزة هملاً،
5- ترتب المسؤولية على الجميع حيال هذه الظواهر،
6- الواجب على كل فرد أن يحافظ على أمر أسرته أولاً،
7- الطريق الوحيد لحل مشاكل الأسرة هو المجتمع نفسه،
8- وجوب عمل الفقهاء المسلمين ومتخصصي علم الاجتماع في إيجاد حل للقضايا المعاصرة التي يعاني منها الكثير من الأسَرِ في عصرنا الحديث.
وفي نهاية كلمتي هذه أوجّه شكري وامتناني الى معالى الشيخ الدكتور عبد الله عبد المحسن التركى و الى القائئمين بامر المؤتمر من الرابطة باسمي وباسم مؤسساتنا وقف دراسات العلوم الاسلامية و أقدم احتراماتى و تحيياتى إلى رجال العلم المحترمين المشاركين في هذا الاجتماع و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
المراجع
1 - ألقرآن الكريم
2 – الجامع الصحيح للامام البخارى
3 – صحيح مسلم للامام مسلم بن حجاج
4 – سنن أبى داود للامام الحافظ سليمان بن الاشعث السجستانى
5 – سنن الترمذى لأبى عيسى محمد بن سورة
6 – سنن ابن ماجة للحافظ أبى عبد الله محمد بن يزيد القزوينى
7 – سنن النسائى للحاقظ أبى هبد اللرحمن بن شعيب النسائى
8 – مسند أحمد بن حنبل للامام أحمد بن حنبل
9 – تهذيب الاخلاق لابن مسكويه دار الكتاب العلمية-بيروت
10 – كتاب تحصيل السعادة للفارابى تحقيق در. جعفر آل ياسين
11 – التعريفات للسيد الشريف الجرجانى
12 – مجموعة رسائل الامام الغزالى لأبي حامد محمد بن محمد
Benzer Konular
EVKAF TOPLANTISINDA SUNULAN TEBİĞ
8-10 eKİM 2009 tarihinde Medine-i Münevvere'de yapılan toplantıda sunulan "Mukayesetü'l-Evkafi'l-Cedide bitürkiye mea'l-evkafi'l-İslamiye" başlıklı Arapça tebliğ metni
AİLE ve AHLAK
Dünya İslam Birliği'nin Mekke'de 31 Mayıs-2 Haziran 2008 tarihlerinde tertiplediği İNSANLIĞIN ORTAK OLDUĞU AİLE VE AHLAK konulu toplantıda sunduğum Arapça tebliğ metnimdir.
HAC MENASİKİ
MENASİKÜ'L-HAC TEBLİĞ METNİ